لم يعد خافيا على أحد الأضرار الجسيمة التي يمكن أن تحدثها السَمنة على الجسم، فهي من المشاكل المرضيَة الشَائعة التي تجعل صحَة الإنسان في خطر متواصل، فالسمنة تفتك بالكبير والصَغير على حد السواء ولكن الأطفال يكونون أضعف بكثير على تحمَل مخلَفات السمنة وما ينجرَ عنها من أضرار فسمنة الأطفال تحدث العديد من المشاكل المرضيَة أبرزها مرض السكر، الذي غالبا ما يظهر بسبب تقصير الأولياء في عمليَة مراقبة تغذية الأطفال ووقايتهم من مخاطر بعض الأطعمة والعادات الغذائية السيئة فكيف ذلك؟
الخمول والأكل النَهم من أكبر الأسباب
يؤكَد أطبَاء أمراض الأطفال وحتَى خبراء جراحات السمنة أنَ خطورة مرض السَمنة تكمن في المضاعفات الحادة والطويلة المدى النَاتجة عنه فقد تؤدَي السَمنة المفرطة عند الأطفال خاصَة إلى إرتفاع إمكانيَة الإصابة بالإضطرابات التنفسيَة كخطر إنقطاع التنفس أثناء النوم بصورة مستمرَة وهو ما قد يؤثر سلبا على المردود الدراسي للطفل لأنَ هذه الحالة تسبَب إضطرابا في النوم فتهاجم الطفل أثناء النَهار نوبات النَوم المتقطع فينجر عن ذلك قلة التركيز وضعف الأداء الدراسي كما سبق وأشرنا ، ويؤكَد الأطباء أنَ الأمر له علاقة أيضا بالمخ لأنَ الدراسات أثبتت أنَ السمنة تؤدي أيضا إلي إرتفاع ضغط السائل المحيط بالمخ داخل الرأس وهذا الأمر يؤثر بدوره على مستوى الإدراك الفكري والوعي الذكائي للطفل .
وتكون السَمنة المفرطة أخطر عند الأطفال أي على عكس الكبار الذين يمكنهم الخضوع إلى جراحات السمنة أو عمليات تنسيق القوام وغيرها والتي من شأنها التقليل من مشكل البدانة المفرطة بالجسم لأنَه وفي غالب الأمر ينصح بعدم إخضاع الأطفال إلى عمليات السمنة كتصغير المعدة أو شفط الدهون لأنَ ذلك قد يجعلهم عرضة لخطر المضاعفات والآثار الجانبية التي يمكن ان تحدث لهم أثناء وبعد العمليَة بسبب صغر سنَهم ، لذلك فإنَ الطفل في حد ذاته هو الذي يجب مساعدة نفسه وأمَه في التَخلص من مشكل السمنة كالمداومة على التمارين الرياضيَة والإلتزام بالقواعد والأنظمة الغذائيَة الصحيَة إضافة إلى تجنَب الركود والخمول الجسدي حيث أثبتت الدراسات أنَ أغلب الأطفال الذين يعانون من السمنة المفرطة والأمراض المنجرَة عنها هم الذين يقضون أغلب أوقاتهم بالمنزل ولا يزاولون الأنشطة الرياضية والحركية ويدمنون عادة الأكل النهم (البطاطا المقلية المشروبات الغازية ،الحلويات …) ومشاهدة التلفاز والألعاب الإلكترونيَة ، فيكونون عرضة لأمراض القلب والشرايين ، السكري رغم صغر سنَهم .
تأثيرات وظيفية خطيرة
وحسب مجموعة من الدراسات الأوروبيَة المنجزة حول أضرار السَمنة أنَ الأطفال يكونون أكثر عرضة لمخاطر السَمنة من الكبار لأنَ الأطفال الذين لا يزالون صغار السن ” أي في السنوات الثلاث الأولى من العمر” يمرون بمرحلة جسدية ،دماغيَة مختلفة عن الكبار لأنَ هؤلاء الصغار تحدث عندهم بعض التغيرات الطبيعية المرتبطة بالنمو والتي يمكن أن تتأثر بالمشاكل التي يمكن أن تسبَبها السَمنة المفرطة كزيادة عدد الخلايا الدهنية في الجسم ،و المقلق في الأمر هو أنَ هذه الدهون تستوطن جسم الطفل ومن الصعب التخلص منها حيث أثبتت الدراسات المنجزة حول هذا الموضوع أنَ ما يقارب 41% من الأطفال الذين يعانون من السمنة في مرحلة ما قبل الدراسة يعانون منها منذ الصغر أي مرحلة الطفولة وقبل البلوغ وعند الكبر أيضا وهذا ما يعبَر عنه بالمفهوم الطبَي السمنة المزمنة .
كا أثبتت دراسات حديثة أنَ السمنة المبكَرة أي التي تصيب الطَفل في مرحلة مبكرة تتسبب بالعديد المشاكل المرتبطة بالنَمو العظمي كتشوهات الأطراف ، قصور الشريان التاجي ،كما تبيَن أن ما يقارب 20% من الأطفال الذين يعانون من مشكل البدانة يعانون أيضا من قصور في وظائف الكبد النَاتج عن تكدَس الدهون عليه ،ونفس الدراسات أكدت أنَ هذه الحالات تجعل الطفل في حالة نفسية صعبة تمنعه من عيش طفولته بشكل طبيعي حيث يكون الطفل السمين مضطرا بإستمرار إلى مواجهة سخرية أصدقائه منه وسماع العبارات المؤلمة والمهينة في بعض الأحيان فتنعدم عنه الثقة بالنفس وينسحب من الحياة الاجتماعية والأخطر هو تواصل هذه الحالة إلى مرحلة الشباب والكهول ويعتبر هذا الوضع من مضاعفات السمنة الطويلة المدى ، وقد يصاب الطفل أيضا من إرتفاع ضغط الدم النَاتج عن تزايد نسبة الكوليسترول بالدم.
وتعتبر السَمنة من العوامل الأساسيَة لظهور سكَري الأطفال لأنَ الإضطرابات التي تحدث بسبب السَمنة في عمليات التمثيل الغذائي إضافة إلى إرتفاع نسبة الدَهون وتراكمها في الجسم تؤدي إلي زيادة مقاومة هرمون الانسولين فيصبح الطفل أكثرعرضة للإصابة بمرض السكري ،وهو ما قد يشكل خطرا على حياة الطفل خاصَة إذا ما كان هناك تقصير واضح من قبل الأهل وغياب تام للمسؤولية والمراقبة المستمرَة التي يمكن أن تحميه وتقيه من أضرار السَمنة ومشاكلها .